مججتُ الزوايا التي تلتوي
وراءَ النفوسْ
وراءَ بريقِ العُيُونْ
وأبغضتُ حتى السُّكونْ
وتلكَ المعاني التي تنطوي
عليها الكؤوسْ
معاني الصَّدَى والجُنونْ
معاني الخطايا التي تُبرقُ
بريقَ النجومْ
وفي لمسها اللهبُ المُحرقُ
ولونُ الهمومْ
كرهتُ الجفونَ التي تأسرُ
وخلفَ سماء ابتساماتها
لهيب الحقود
كرهتُ الأكفَّ التي تعصرُ
وخلفَ حرارة رَعْشاتها
جمودٌ كذُلِّ الحياهْ
على جُثةٍ تحت بعض اللحودْ
تعيثُ بها دودةٌ في برودْ
كرهتُ ارتعاشَ الشفاهْ
برَجعِ الصلاهْ
ففي كلِّ لفظٍ خطيئهْ
تجيشُ بها رَغباتٌ دنيئهْ
وعفتُ طُموحي وبحثي الطويلْ
عن الخيرِ, والحبِّ, والمُثلِ العاليهْ
وحقّرتُ سعيي إلى عالمٍ مستحيلْ
فخلفَ انخداعيَ تنتظرُ الهاويهْ
وعفتُ جنوني القديمَ وعفتُ الجديدْ
وأودعتهُ في مكانٍ بعيدْ
دفنتُ به رَغَباتِ البشرْ
وسمّيتهُ جنة الواهمين
ستمضي السنينْ
لماذا أُحسُّ الأسى والضَّجَرْ,
وكفُّ المطَرْ
تلفُّ على عنقي المختنقْ
حبالَ الفِكرْ?
وأينَ أسيرُ وقلبي النزقْ
هنالكَ ما زالَ, لا يبرُدُ
ولا يحترقْ
كقلبِ أبي الهولِ. أين الغدُ?
أُحسُّ حياتي تذوبْ
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تُهِيبُ بأقداميَ الشاردهْ
وتَلوي الدروبْ
قفي لحظةً يا حبالَ الحياهْ
ولا تتركيني هنا
معلقةً بالفراغِ الرهيبْ
فأمسي القريبْ
تلاشى على آخرِ المنحنى
وظلُّ غدي
تَلثَّمَ, أُوّاهُ لو أهتدي
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدَكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تردّدها الأنفسُ الجانيهْ
تكرّرُها في جُنونْ
على سمعيَ المُجهَدِ
تكرّرُها لم يَعُدْ لي سكونْ
أكادُ أسيرُ إلى الهاويهْ
مع السائرينْ
وأدفِنُ آخرَ أحلاميهْ
وأنسى غدي
فدوى طوقان