الفضل بن العباس رديف رسول الله
هو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
القرشي الهاشمي رضي الله عنهما ، ابن عم الرسول صلى الله
عليه وسلم ، أبوه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه شيخ
قريش وزعيمها ، وأمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية العامرية
أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما زوج النبي
صلى الله عليه وسلم ، وكنيته أبو محمد وأبو عبد الله ، وهو أسن
ولد العباس ، وكان العباس يكنى به رضي الله عنهما .
مواقفه
شهد الفضل رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتح مكة سنة 8هـ ، وغزا معه حنين ، وكان ممن ثبت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته وأصحابه فيها ، حين ولى
الناس منهزمين ، وشهد مع الرسول عليه السلام حجة الوداع ، وأردفه
الرسول صلى الله عليه وسلم وراءه من المزدلفة إلى منى ، فيقال
له : رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صفاته
كان الفضل رضي الله عنه جسيما وسيما ، وكان يقال :
من أراد الجمال والفقه والسخاء ، فليأت دار العباس رضي الله
عنه :
الجمال للفضل ، والفقه لعبد الله ، والسخاء لعبيد الله ، وله ذكر
في كتب الحديث ، فقد روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم
أربعة وعشرين حديثا ، وروى عنه أخوه عبد الله ، وأبو هريرة
وربيعة بن الحارث ، وعباس بن عبيد الله بن العباس وغيرهم رضي
الله عنهم.
أبناءه
أنجب الفضل رضي الله عنه ابنة واحدة هي أم كلثوم بنت الفضل ،
تزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب ثم فارقها فتزوجها أبو موسى
الأشعري رضي الله عنهما.
شجاعته في معركة اليرموك
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
( فلله در خالد بن الوليد رضي الله عنه والزبير بن العوام وعبد الرحمن
بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه والفضل بن العباس وضرار بن الازور
وعبدالله بن عمر بن الخطاب رضوان الله عليهم أجمعين لقد رأيت هؤلاء
الستة قد قرنوا مناكبهم في الحرب وقام بعضهم بجنب بعض وهم لا
يفترقون وزادت الحرب اشتعالا وخرقت الاسنة صدور الليوث حتى بلغت
الى خزائن القلوب لانقطاع الآجال ولم يزالوا في القتال الشديد الذي
ما عليه من مزيد ..
ولله در الزبير ابن العوام والفضل بن العباس وهم ينادون :
أفرجوا يا معاشر الكلاب وتباعدوا عن الاصحاب نحن الفرسان
هذا الزبير بن العوام وأنا الفضل بن العباس أنا أبن عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
فوحق رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أحصيت للفضل بن العباس
عشرين حملة يحملها عن خالد بن الوليد حتى أزال عنه الرجال
والابطال وحملوا على المشركين حملة عظيمة ولم يزالوا في القتال
يومهم الى أن جنحت الشمس الى الغروب )
درس لطيف في غض البصر
قال قدامه بن عبد الله رضي الله عنه :
( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة من بطن
الوادي يوم النحر على ناقة صهباء ، وازدحم الناس حوله فقال :
" يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم فارموا بمثل حصى
الحذف، ولتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد
حجتي هذه "
وكان الناس حولـه يصله من شاء منهم ، الرجل والمرأة ، والكبير
والصغير ، لا يُدفع عنه أحد ولا يُبعد ، فجاءت امرأة حسناء شابة تسأله
والفضل ردفه ، وكان شابا وسيما وضيئا حسن الشعر ، فجعلت تنظر
إليه وطفق ينظر إليها وأعجبه حسنها ، فالتفت النبي صلى الله عليه
وسلم فإذا الفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل ، فدفع
وجهه عن النظر إليها ، فنظر من الشق الآخر فصرف وجهه مرة أخرى ،
حتى قال أبوه العباس :
يا رسول الله لويت عنق ابن عمك ، فقال صلى الله عليه وسلم :
" رأيت غلاماً حدثاً وجارية حدثة فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان "
فقالت المرأة : يا رسول الله ، إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا ،
لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟
قال صلى الله عليه وسلم : " نعم حجي عنه ")
لقد تفهم النبي صلى الله عليه وسلم نوازع الشباب ، وما جبلت
عليه النفوس الفتية فسارع بالتأديب اللطيف الذي يجمع الرفق والمودة،
ولم يستثيره تكرر المشهد إلى العنف أو الغلظة على ابن عمه وقريبه
دون المرأة لأن الفضل رضي الله عنه يحتمل من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما لا تحتمله فتاة غريبة.
وفاته
اختلف الرواة في تاريخ وفاته ، منها أنه خرج إلى بلاد الشام مجاهدا
واستشهد في معركة اليرموك ، ومنها انه توفي في طاعون عمواس في
نواحي الأردن سنة 18هـ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما .